
كتب: السيد حامد الطنطاوي
يشهد تاريخ الإبداع الأدبي بالعديد من الأعمال التى تعظَّمْ فيها وظيفة الدين في حياة الأفراد والمجتمع، بدايةً من الإنتاج الأدبي الذي تركه أجدادنا المصريون القدماء واليونانيون وحتى اللحظة الحالية، وفي الدراسات التى يضمها الكتاب بعض النماذج من كتابات إبداعية، تَبيَّن فيها دور الدين ودور الموروث الشعبي، وكيف انعكس هذا التجلى على الشخصيات في بُعديه الروحي والمادي هكذا قال الباحث الراحل “طلعت رضوان” في مقدمة كتابه (انعكاس الثقافة القومية على الإبداع)، والصادر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
والكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات التي تتخذ أعمالًا أدبية يرى الكاتب أنها تقع تحت دائرة بحثه، هذه المقالات بدورها نشرها “رضوان” متفرقة على حدى في موقع (الحوار المتمدن) عام 2016، تشمل بعض النماذج من كتابات إبداعية تجلّى فيها دور الدين ودور الموروث الشعبي، وكيف انعكس هذا الدور على الشخصيات في بعديه الروحي والمادي.
ويفتتح الكاتب كتابه بمقطع من مقاطع (أصداء السيرة الذاتية) لنجيب محفوظ، الذي يقول: (يا صديقي في عز النصر والرخاء، كثيرًا ما بكيت الكرامة الضائعة)، ويزعم الكاتب أن المقطع يحيل إلى الفترة التي حاولت فيها الميديا الناصرية إقناع المصريين بـ(النصر والرخاء)، لكن حتى مَن اقتنع بهذا الزيف، فإنه لم يمنع عنهم الشعور بـ(الكرامة الضائعة).
واتخذ “رضوان” أيضًا، رواية الأديب الكبير “خيري شلبي” (الآمالى لأبى على حسن: وِلْدْ خالى” معتبرًا أن صاحب وكالة عطية كان أحد الذين علموا أهمية الثقافة القومية لشعبنا، من سيرة شعبية كتبها مبدعون مجهولو الاسم، وأحيانا يكتبها أكثر من شخص، خاصة عندما تنتقل من جيل إلى جيل (وهى ظاهرة موجودة لدى أغلب الشعوب) والسيرة الشعبية مجهولة المؤلف، تتميز بعدة خصائص: الأولى أنها تأتى كتعبير صادق عن رؤى وطموحات الشعب، الثانية أنها تنبض بالميثولوجيا الثقافية لهذا الشعب، من أمثال وحِكــَمْ ونكت (جمع نكتة وهى صحيحة لغويًا) وعادات وطقوس إلخ.
واعتبر الباحث، الروائية والشاعرة “سهير المصادفة”، من بين أبرز المُـبدعين المصريين الذين وعوا خصوصية الثقافة القومية لشعبنا، إذ أن رواية (ميس أيجيبت) لـ”المصادفة” قد طرحت المسكوت عنه فى الثقافة السائدة، منذ يوليو 1952، الذى روّج قادته لعروبة مصر، وبناءً عليه فإنّ الأديبة “سهير المصادفة” امتلكت (بلغة الفن) شجاعة طرح العلاقة الجدلية بين الثقافة القومية لنا كمصريين، والثقافة العربية.