
حوار : فاطمة عاطف
كاتب بعقلية مميزة عن البقية، لا يسعى إلى الشهرة في المجال بكتابته لبعض الكلمات، إنما يسعى لمناقشة موضوعات تغير وجهة نظر الكاتب تجاه موضوعات معينة.
الكاتب “سيف السرساوي” المُلقب ب “المُهرتل”، 20 عامًا، صاحب المجموعة القصصية “هرتلات مع الذات” بالتعاون مع الكاتب “يوسف طارق” وقريبًا سيصدر عمله الخاص “خلية النحل”.
وهذا ما دار في الحوار…
_ما سبب حبك الشديد للكاتب “أحمد مراد”؟
=أجد أسلوب كتاباته دائمًا مختلف عن باقي الكُتاب المتواجدين في الساحة حاليًا، خلق لنفسه حالة غير متواجدة كثيرًا في الوسط الكتابي، بالإضافة إلى أن رواياته وبالتحديد “موسم صيد الغزلان” جعلتني أُغير من وجهة نظري للحياة بالكامل، أراه كاتب مُتكامل وملهم من الطراز الأول.
_أحد أحلامك هو أن تكون مؤلف سينمائي. إذا عرض عليك أحد المنتجين الكِبار التعاون معك في عمل، أي المواضيع ستختار ليتحدث عنه العمل؟
=في البداية كان حلمي الأكبر هو التأليف السينمائي والإلتحاق بالمعهد العالي للسينما، ولكن خطوة مثل هذه تحتاج إلى صبر وعمل ومجهود كبير وتطور أظل أعمل عليه لسنوات قادمة…
أما إذا عُرض عليّ عمل حاليًا لا أعرف حينها سأوافق أم سأرفض، سيكون اختبار صعب جدًا لي؛ لأني سأكون على بُعد خطوة واحدة من تحقيق حلمي، ولكن أنا في ذلك الوقت على علم أني غير مؤهل لمسؤولية مثل هذه.
تميل طريقة كتاباتي المُفضلة دائمًا إلى الموضوعات التي تلمس الإنسان بشكل عام وليس مجرد أزمات بسيطة أتحدث عنها بسطحية، لا أنا أُحب الكتابة والتحدث عن الأزمات التي تؤثر على عصب حياة الإنسان بشكل عام، وهذا ما حاولت تحقيقه في تجربتي مع كتاب “هرتلات مع الذات” مثلًا بالإضافة إلى مشروعي الروائي القادم بأمر الله.
_لا تخشى من ردة فعل القراء بسبب الموضوعات الجدلية التي تكتب بها؛ فهي جدلية أحيانًا بالنسبة للبعض؟
=الجدل نوعان :
النوع الأول هو جدل لمجرد إثارة جدا فقط، مثل ما يطلق عليه دعاية سلبية مثل إضافتي للعمل مشاهد جنسية مبالغ بها ولا هدف منها تستطيع خدمة العمل أو تساعد في الحبكة، أو ربما تمس شئ حساس كالعادات والتقاليد أو المعتقدات الدينية، وهي طريقة غير لائقة لجذب القراء، وهذا الأمر متواجد كثيرًا جدًا للأسف في هذه الأونة.
أمّا النوع الثاني :
يكون جدل هدفه إعادة ترتيب أفكارك ومعتقداتك الداخلية بشكل أفضل من وجهة نظر الكاتب، والشئ المهم في ذلك أن يكون داخل إطار واضح على سبيل المثال مثل “نجيب محفوظ” في روايته “أولاد حارتنا” التي تناقش فكرة حساسة جدًا، ويعتبر هذا أكثر عمل جدلي تواجد في تاريخ الساحة الأدبية، وكان هذا الجدل في إطار صحيح، والحكم في البداية والنهاية للقارئ يقوم بتكفير هذا الكاتب أو يتهمه بأنه كاتب “إيباحي”… إلخ، وهذه في الأول والآخر مجرد وجهة نظر.
على الرغم من ذلك لا أخشى الدخول في هذا الكهف؛ لأن هدفي نبيل وليس مجرد جذب لا قيمة له لشخص يشتري روايتي من أعلى الرف.
_لماذا اخترت عنوان “هرتلات مع الذات” ليحمل القصص الخاصة بك؟
=بسبب الأمور والموضوعات التي تحدثنا عنها كانت عبارة عن هرتلات إنسانية وليست مجرد أفكار وقصص، كان هدفنا هو إطلاق العنان لمُخيلتنا، فأصبح كلٌ منّا يتخيل على حسب عقله، خياله ونمط تفكيره، ماذا سيحدث إذا وضعنا القارئ في دائرة لم يكن بتخيلها؟، ، أو ماذا سيحدث إذا سقط الهرم أو تجسد الشيطان أمام عينيك… كل ذلك كان مجرد هرتلات وليست قصص، و المجهود الفكري بها لأشخاص في عُمر ال18 و 19 كان حقًا كبير، وبالمناسبة اسم هرتلات كان اختيار “أخويا” “يوسف طارق” وليست من اختياري.
_ما سبب الحب الكامن بداخلك تجاه التأليف السينمائي أو المسرحي؟
=كما اسميه الجنون المتواجد بهم؛ فأنا شخص عاشق للجنون الموجود في الفن وتحديدًا هذان الفرعان؛ لأنهما أكثر عمل شئ تخرج به المشاعر الصافية من دون أي شوائب.
بالنسبة لي السينما أو المسرح هما حياة… الهواء الذي اتنفسه، السينما منحتني الكثير مثل الدخول يوميًا في حياة، تفاصيل وأفكار، أشخاص تقتل، أشخاص تقع في الحُب، وأشخاص أُخري تكن بداخلها الكُره، تعلمت منها الكثير من الأشياء التي لم اتعلمها في المدارس أو الجامعات على الإطلاق، عرفت منها أين المنافق، المُجرم، العاشق، والكاذب، حياة السينما حياة كبيرة وضخمة جدًا بالنسبة لي وليست مجرد وقت أقضيه لإهدار بعض الوقت من اليوم.
المسرح هو أعظم شئ استطاع الفن تقديمها، أشعر أن ممثلين المسرح هم أكثر أشخاص استطاعوا لمس عصب الإنسان بالفعل، خشبة المسرح هي عبارة عن مكان لتفريغ مشاعر وصخب داخلي غير طبيعي، وهذا أكثر شئ اتمنى القيام به هو أن أستطيع إيصال الصخب الكامن بداخلي للناس، بدون أي فاصل بيني وبينهم وهنا تمكن عظمة المسرح.
_هل قابلت أي انتقادات في طريقك نتيجة مناقشتك لموضوعات متنوعة ولا يكتب عنها الكثير؟
= نعم، كثير من القُراء أصدقائي امتعضوا من طريقة تناول الأفكار الخاصة بي، وتحديدًا داخل لجنة قراءة العمل الجديد، ولكن قراء عاديين للأسف أنا لازلت كاتب مغمور لا أحد يعلم عني شيئًا سوي القليل.
وإذا واجهت أيّة صعوبات في المستقبل القريب بسبب طريقتي في الكتابة سأكون أسعد إنسان في الحياة؛ لأني في هذه اللحظة سأعرف أني على بداية الطريق الصحيح وأني وصلت إلى ما أريد.
_هل ترى أن الإنتقاد أول طريق النجاح؟
=بالطبع، الميزة التي وجدتها في بداية مشواري الذي لازلت في بدايته، ولكن في بداية امساكي بالقلم واجهت انتقادات لاذعة من قُراء، وأصدقاء أكثر مني شهرة وصلت إلى “البلوك”، وهذا ما جعلني أعرف أين الخطأ من الصواب، وأني لم أكن مثل أغلب الكتاب الشباب حاليًا وهي أن أي شئ يخطونه هو أعظم شئ في الوجود… نقد بدون أي نقد وهذا ما يجعل الكاتب أعمى عن أي أزمة، بالإضافة إلى أنه قام بغلق جميع أبواب التطور عن عقله؛ لأنه يري نفسه بدأ من سُلم المجد وهذه طريقة عكسية، طالما أنه لم يسمع لأي أنتقاد ويعرف أين العيب قبل الميزة، في هذه اللحظة أعلم أنك تخطو في الطريق الخاطئ، وهذا يجعل دوافع التطور معدومة.
إن لم يكن أحد الكُتاب قال ل “أحمد مراد” لا تكتب لم يخرج لنا “الفيل الأزرق”… الإنتقاد هو الدافع الأكبر للتطور.
_لماذا تختار الكتابة عن موضوعات كما يقولون “خارج الصندوق”؟
=ما هو المميز أو المختلف في قصة حُب رتيبة بين اثنين ستكون نهايتها كما يقولون “تبات ونبات” هذا لم يؤثر بس بشئ.
أول دروس الكتابة بالنسبة لي هي ماذا أنت تكتب؟
أصبح العالم حاليًا مكان مرعب جدًا، الصخب المتواجد به أجبر الكاتب لكي يستطيع لمس مشاعر القارئ يجب أن يكتب عمل يُعادل كم الجنون المتواجد في العالم أو يتفوق عليه، مثل أعمال دكتور “أحمد خالد توفيق” تنبأ بأشياء مرعبة نعيش بها حاليًا كان هذا الكلام منذ خمسة عشر عامًا، أمّا الآن نحن نشاهد القنبلة وهي تتفجر… فبالتأكيد عندما أحاول كتابة عمل روائي لن أكتب أفكار قديمة ومملة.
_لماذا اخترت أن يكون عملك الأول مجموعة قصصية بالرغم من أن العقلية التي تستطيع كتابة عدة قصص قصيرة ناجحة تستطيع نسج أحداث شيقة للرواية الكاملة؟
=هو نفس السبب الذي يجعلني متردد في كتابة فيلم حاليًا…
السؤال الذي أطرحه على نفسي دائمًا هل تستطيع القيام بهذا الشئ حاليًا؟
وتكون إجابته لا؛ لأن العمل الروائي هو من أصعب الأشياء التي يتم كتابتها؛ لأنها تحتاج إلى صبر، ومجهود كبير جدًا في نسج أحداث حياة كاملة أقوم بتأليفها، بالإضافة إلى حاجتي للقراءة كثيرًا في الموضوع الذي سأكتب فيه، إلى جانب أنه يجب أن يكون الكاتب متطور عقليًا لكي عند تنفيذه لهذه الخطوة يستطيع إخراج عمل غير معتاد أو سئ يتواجد على الرف يأكله الغُبار وهذا شئ لا أستطيع تحمله.
_”خلية النحل” يبدو أنها عمل جديد تجهز له.
هل لك بإعطائنا نبذة عنها.
=”خلية النحل” هو عملي الروائي الأول.
بالنسبة لي حاليًا حياتي مبنية على نجاح هذه الرواية، وأن تاخذ حقها؛ لأني أبذل به مجهود عقلي ونفسي غير طبيعي، الفصل يتم كتابته أكثر من عشر مرات؛ كي أستطيع إخراجه مثلما أُريد.
العمل بإختصار هو حالة إنتقام من مجموعة أشخاص في الأصل هم من تسببوا في دمار الأرض بالشكل الحالي.
في نهاية حوارنا نشكر الكاتب على وقته الثمين، ونتمنى له دوام التقدم.