
حوار/ بكر محمد
١- خلال مسيرتك في الكتابة كيف تعاملت مع الحوارات الصحفية التي كانت تقابلك؟
لم يُحالفني الحظ كثيرًا في المقالات الصحفية، هو مقال سابق لجريدة عربية تُدعى “صبابة الأدب”، كانت المرة الأولى لي كسبق صحفي، أما عن الجرائد الثقافية فكان لي بعض السطور في “جريدة الدستور” وغيرها. وبطبيعة حالي أحترم من يعرض على مثل هذه العروض وتقديره لما أقدمه، وأتقبله بصدرٍ رَحِب.
٢- الكتابة الحقيقية هو انعكاس لموهبة الكاتب ولكنها لم تكن بالقدر لبكافي لإنتاج ما نسميه من إبداع، ما العوامل التي بتساهم في تشكيل هذا التجربة؟
هُناك خلافات كثيرة حول ما إذا كانت الكتابة تُعَلَّم أم هي موهبة ربانية، لكنني أرى أن بإمكان أي شخص أن يكتب، الجميع لهم الحق في الكتابة، طالما تملك قصتك الخاصة فأنت قادر على الكتابة، هكذا هي الفطرة، لكن الإبداع يتم تطويره بالتدريب، القراءات الكثيرة، مناقشة الروايات الأدبية، نقد الأعمال المختلفة، دراسة أسس الكتابة بذاتها، لهذا الكتابة موهبة وأيضاً يمكن تعلمها.
٣- أدباء كثُر في الوسط الأدبي لديهم حظ في حد شهرتهم ولكن دون المعجم اللغوي مثل هو عندك وعن الكُتاب العظماء كيف تفسر ذلك؟
المعجم اللغوي ليس بالضرورة أن يكون نعمة في كل الحالات، بالعكس أحيانًا يكون معضلة لصاحبه لأنه يحتاج فئة مخضرمة لترجمة تعبيراته وبهذا يقل انتشاره. وأرى أن الكُتاب المشهورين حتى وإن لم يملكوا ذات قدراتي اللغوية إلا أنهم ناجحين في عرض أفكارهم وزيادة انتشارهم وهذا نجاح قوي. أنا أيضًا بالنسبة للكُتاب آخرين لستُ بالمتمكن لغويًا لأنهم أكثر مني ضلاعة، لذا إن كان المعجم اللغوي هو العامل الوحيد لنجاح الرواية، فأنا لستُ أهلاً لهذا النجاح.
٤- بمناسبة عنوان كتابك الجديد ما هو انطباعك الأول كقارئ وانت تقرأ مثلا رواية أدبية بهذا الاسم ؟
عنوان عملي الجديد هو “أحاديث” وهو كتاب يشمل عِدَّة مدونات ومقالات، ينقسم لثلاث فصول والصادر عن دار إبهار للنشر والتوزيع.
دائمًا أضع نفسي في مكانة القارئ لأختار العنوان الأمثل، وهذه مشكلة الكثير منا لأننا لا ندري أي الأسماء أفضل، لكن “أحاديث” كان الأنسب لأن محتوى الكتاب بذاته عبارة عن أحاديث هامسة، تُلقى على مسامعك، أو تتفوه بها في سِرٌك.
٥- لو كنا سنحتكم بوعينا الحالي ولضمائرنا كمبدعين ترى أن الصمت على كل ما يحدث حاليا هو الجواب الأمثل؟
الصمت في حد ذاته نوع من السلبية، كل شخص له طريقته في عرض وجهه نظره سواء بالسلب أو الإيجاب، هناك من يتحكم بالقانون، أو تشريعات الدين، ونحن كفئة كُتاب نملك قلماً.
نحن أكثر الفئات شيوعًا وتأثيراً على الناس، القارئ يمتلئ عقله وتتغير أنماط تفكيره من خلال ما يقرأ، لذا أرى أنه من الصواب نقد الأمور الحالية، إن كانت جيدة فتستحق الثناء عليها وتشجيعها، وإن كانت فسادًا فندرس أسباب فشلها.
٦- ترى أن المدرس هو الأساس لأي انطلاقة أدبية؟
هذا سؤال ماكر جدًا، كوني خريج كلية التربية وصفتي الطبيعية بين الناس أنني مدرس، إلا أنني لا أؤيد هذا الرأي.
المدرس هو الأنسب في المراجعة اللغوية نظرًا لحصيلته ودراسته النحوية القوية، لكنه ليس حتماً الأنسب للكتابة الأدبية، بدليل أن الراحل الكبير “د. أحمد خالد توفيق” كان طبيبًا، الراحل صاحب سلاسل الجيب “د. نبيل فاروق” كان طبيبًا، عظيم مصر الأديب الراحل “نجيب محفوظ” كان موظفًا حكوميًا، الرحلة الغربية صاحبة الروايات البوليسية “أجاثا كريستي” كانت ممرضة.
الكتابة ليست حِكرًا على وظيفة بعينها، ولم تكن كذلك يومًا.
٧- في ثقافتنا العربية والمصرية بالتحديد علاقة الكتاب بالنقاد دائما ما تكون متوترة ومميزة باللامسؤولية وسوء الفهم ما الذي يجعل الصورة بهذا الشكل؟
هناك سببين لهذه الحِدَّة بين الكُتاب والنُقاد في مصر.
السبب الأول: بعض النُقاد يهاجمون من يستطيعون مهاجمته فقط، أي أن فئة كبيرة من كبار الكُتاب في مصر لا يمكن توجيه النقد لهم، حتى وإن حملت أعمالهم ألفاظ نابية أو ايحاءات جنسية، أو حتى اسقاطات دينية وسياسية حادة، هذا لأن لهم مُريدين كثيرين ولا يبتغي النُقاد مهاجمتهم من خلال هؤلاء المريدين.
السبب الثاني: نحن ككُتاب ناشئين تتملكنا روح الحماسة، التعصب الشديد لأعمالنا، لا نقبل عليها تعليق عابر حاد قليلاً، إما أن تمدح العمل أو لا تنطق بإسمه، وهذا يجعل الناقد إذا شرع في نقد سلبي تجاه أي كاتب ناشئ يصبحا عدوين، رغم أن النُقاد لهم باع طويل وخبرة قوية في مجالهم تجعل أحكامهم تستحق الإنصات في بعض الأحيان.
لهذا أدعو الكُتاب أن يتقبلوا النقد ليحسنوا من أعمالهم القادمة، وعلى بعض النُقاد السلبيين الكف عن المحاباة بين كاتب وآخر.
٨- أخيرا، هل ستعتزل الكتابة يوما ما؟
لا مُسلمات في الحياة أبدًا سوى الموت، لا أحد يملك اليقين الكافي ليقول سأكمل هذا الطريق أم لا، الغد دومًا غامض وله أحداثه وواقعه الخاص، رُبما أكمل مسيرتي إلى الفناء في الكتابة، وربما أترك هذا الدرب غدًا، دعنا لا نستبق الأحداث.. لكن في الوقت الحالي، لايزال في جُعبتي ما لم أبح به بعد!